السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقاء جديد
مع موضوع مفيد بإذن الله ، وهو بعنوان :
مفهوم العبادة الشاملة
# إن العبادة الشاملة الكاملة هي كما عرفها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فى قوله :
( هى كل ما يحبه الله تعالى ويرضاه ، من الأقوال والأفعال ، الظاهرة والباطنة )
فكل فعل فى الحياة للإنسان ـ سواء كان شعيرة تعبدية أو عملاً مشروعاً ـ إذا ابتُغِىَ به مرضاة الله تعالى ؛ فإنه عبادة يثاب عليها من ربه U .
# بل إن عمارة الأرض ، وصناعة الحياة ، وامتلاك مقومات النهضة والتقدم الحضاري ، هو فرض كفاية على أمة الإسلام ، بل هو من أعظم أنواع القوة التى أمر الله تعالى عباده المؤمنين بتحصيلهـا ؛ حتى تظل أمة الإسلام أمة قوية ، مرهوبة الجانب من قِبَل أعداء الدين ؛
} وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍوَمِن رِّبَاطِ الخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ{.
وهى كذلك مقتضى خلافة الإنسان لربه تعالى : } وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً{.
# فهى عبادة من أجل القربات ، شريطة أن تكون ابتغاء وجه الله تعالى ، وانظر أيضاً فى هذا الحديث العظيم ، الذى يعقد النبى r فيه الصلة بين الدنيا والآخرة ، فيقول : ( إن قامت الساعة ، وبيد أحدكم فسيلة ، فإن استطاع ألا تقوم حتى يغرسها ؛ فليغرسها ) رواه البخارى فى الأدب المفرد .
# لقد كان من المتوقع والقيامة أوشكت أن تقوم ، أن يأمرنا r بالتوبة والاستغفار ، والإقبال على الآخرة ، ونسيان الدنيا بما فيها ، ولكنه r أمرنا بتعمير الأرض ، بغرس الفسيلة ، وأى فسيلة تلك التى يأمرنا بغرسها r ؟
# إنها فسيلة النخل التى لا تثمر إلا بعد سنين طويلة ، وما ذاك إلا ليعلمنا r هذا الدرس العظيم ، أن ( طريق الآخرة هو طريق الدنيا ، بلا اختلاف ولا افتراق ، إنهما ليسا طريقين منفصلين ، أحدهما للدنيا ، والآخر للآخرة ، وإنما هو طريق واحد ، يشمل هذه وتلك ، ويربط بين هذه وتلك .
# ليس هناك طريق للآخرة اسمه العبادة وطريق للدنيا اسمه العمل ، إنما هو طريق واحد ، أوَّلُه فى الدنيا ، وآخره فى الآخرة ، وهو طريق لا يفترق فيه العمل عن العبادة ، ولا العبادة عن العمل ، كلاهما شىء واحد فى نظر الإسلام ، وكلاهما يسير جنبًا إلى جنب ، فى هذا الطريق الواحد الذى لا طريق سواه .
# ومن هنا فإننا نستطيع أن نفهم جيداً كيف يمكننا أن نعيش فى ظلال قوله جل جلاله :
} قُلْ إِنَّ صَلاتِيوَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ {.
# إذ ليس من المعقول أن يظل الإنسان ساعات عمره كلها يصلى ويصوم ويقرأ القرآن ، بلا انقطاع في ليل أو نهار ، حتى تكون حياته كلها لله ، بل لم يكن هذا حال محمد r الذى كان يصوم ويفطر ، ويقوم وينام ويتزوج النساء ، فلابد إذاً أن يجمع المؤمن بين الدنيا والآخرة ، ويجعلهما طريقاً واحداً ؛ حتى يستطيع أن يجعل حياته كلها لله تعالى .
# فإذا أدركت ذلك المفهوم الشامل لمعنى العبادة ؛ علمت كيف ضاعت أمتنا ، وأصبحت فى ذيل الأمم ، عندما تمزقت بين هذين الفريقين ، بين فريق أضاع الدنيا بحجة التفرغ للآخرة ، وبين فريق فرط فى الآخرة ، وسعى لحيازة الدنيا ، لا لتحقيق مرضاة الله ، وإنما لتحصيل شهواته ولذاته".
المرجع : قبسات من الرسول ، محمد قطب ، نقلاً من كتاب هزة الإيمان ، فريد مناع .
حذراى .. حذارى
# بما أنك فى عبادة كما فهمت مما سبق فإياك وأنت فى عملك أو دراستك من نقض عبادتك بل حافظ عليها فصن لسانك عن الكذب والغيبة والنميمة وقول الزور : لقوله r : " من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة فى أن يدع طعامه وشرابه " رواه البخارى .
# عن جابر بن عبد الله t أنه قال : إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك من الكذب ودع أذى الناس . وليكن عليك وقار وسكينة . ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء .