جواهر نبوية لمن له أوعليه دين
الحمد لله رب العالمين ، انتشر في زمننا هذا الدَّيْنُ ، فقلَّ أن تجد أحدا ليس عليه دين قليل أو كثير . وتهافت بعض الناس إلى الاقتراض بحاجة ومن غير حاجة ، حتى تراكمت عليهم الديون ، فأودع بعضهم السجون ، وتشردت أسرهم ، بعد حبس عائلهم والمنفق عليهم ، فامتهن بعضهم المسألة والإلحاف على الناس ، وتدرب بعضهم على السرقة .
ولا شك أن هذه مشكلة لكن في ديننا حل لها ، وفي سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم علاجها وترياقها .
فإلى كل مسلم دائن أو مدين . أعرض بين يديك أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لعل الله يفتح عليك ، فتعمل بها ، أو تعلم من يعمل بها ، فتنل خيرا كثيرا .
روى الترمذي في سننه كتاب الدعوات عن علي رضي الله عنه : أن مكاتبا جاءه ، فقال : إني قد عجزت عن كتابتي ، فأعني . قال : ألا أعلمك كلمات علمنيهنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لو كان عليك مثل جبل ثبير دينا أداه الله عنك ؟ قال : قل : " اللهم اكفني بحلالك عن حرامك ، وأغنني بفضلك عمن سواك " .
قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب . قال الألباني رحمه الله : حسن .
وروى أبو داود في سننه ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، قال : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم المسجد ، فإذا هو برجل من الأنصار ، يقال له أبو أمامة ، فقال : " يا أبا أمامة ! ما لي أراك جالسا في المسجد في غير وقت الصلاة " ؟ قال : هموم لزمتني ، وديون يارسول الله . قال : " أفلا أعلمك كلاما ، إذا أنت قلته أذهب الله عز و جل همَّك ، وقضى عنك دَينَك " ؟ قال : بلى يارسول الله . قال : " قل إذا أصبحت ، وإذا أمسيت : اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن ، وأعوذ بك من العجز والكسل ، وأعوذ بك من الجبن والبخل ، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال " . قال : ففعلت ذلك ، فأذهب الله عزوجل همي وقضى عني ديني .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يأمرنا إذا أخذنا مضجعنا أن نقول : " اللهم رب السموات ورب الأرض ، ورب العرش العظيم ، ربّنا وربّ كلّ شيء ، فالق الحب والنوى ، ومنزل التوراة والإنجيل والفرقان . أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته . اللهم أنت الأول ، فليس قبلك شيء ، وأنت الآخر ، فليس بعدك شيء ، وأنت الظاهر ، فليس فوقك شيء ، وأنت الباطن ، فليس دونك شيء . اقضِ عنَّا الدَّين ، وأغننا من الفقر " رواه مسلم في صحيحه كتاب الذكر والدعاء باب ما يقول عند النوم .
وفي فضل التجاوز عن المعسر أو التنفيس عنه اسمع هذه الأحاديث :
عن عبدالله بن أبي قتادة ، أن أبا قتادة رضي الله عنه ، طلب غريما له ، فتوارى عنه ، ثم وجده فقال : إني معسر ، فقال : آلله ؟ قال : ألله . قال : فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة ، فلينفس عن معسر ، أو يضع عنه " . رواه مسلم في صحيحه كتاب المساقاة . باب فضل إنظار المعسر .
وعن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " كان رجل يداين الناس ، فكان يقول لفتاه : إذا أتيت معسرا ، فتجاوز عنه لعل الله يتجاوز عنا ، فلقى الله فتجاوز عنه " . رواه مسلم في صحيحه كتاب المساقاة . باب فضل إنظار المعسر .
وعن أبي مسعود البدري رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " حوسب رجل ممن كان قبلكم ، فلم يوجد له من الخير شيء ، إلا أنه كان يخالط الناس ، وكان موسرا ، فكان يأمر غلمانه أن يتجاوزوا عن المعسر . قال : قال الله عز وجل : نحن أحق بذلك منه . تجاوزوا عنه " . رواه مسلم في صحيحه كتاب المساقاة . باب فضل إنظار المعسر .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " كَانَ الرَّجُلُ يُدَايِنُ النَّاسَ ، فَكَانَ يَقُولُ لِفَتَاهُ : إِذَا أَتَيْتَ مُعْسِرًا ، فَتَجَاوَزْ عَنْهُ ، لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا . قَالَ : فَلَقِيَ اللَّهَ فَتَجَاوَزَ عَنْهُ " . رواه البخاري في صحيحه برقم : 3480 . فيه أن من أسباب تكفير الذنوب التجاوز عن المعسرين ، وفيه أن الجزاء من جنس العمل .
وعن ربعي أبي اليسر رضي الله عنه ، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من أنظر معسرا ، أو وضع عنه ، أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله " . رواه الدارمي في سننه كتاب البيوع باب فيمن أنظر معسرا .
وهذه أحاديث في خطر الدين :
عن أبي قتادة رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قام فيهم ، فذكر لهم : أن الجهاد في سبيل الله ، والإيمان بالله ، أفضل الأعمال . فقام رجل ، فقال : يا رسول الله ! أرأيت إن قتلت في سبيل الله تكفر عني خطاياي ؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم : " نعم . إن قتلت في سبيل الله ، وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر " ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كيف قلت ؟ قال : أرأيت إن قتلت في سبيل الله ، أتكفر عني خطاياي ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نعم ، وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر إلا الدين فإن جبريل عليه السلام قال لي ذلك " . رواه مسلم في صحيحه برقم 1885 .
وفي فضل البراءة من الدين :
عن ثوبان رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من مات وهو بريء من ثلاث : الكبر ، والغلول ، والدَّين ، دخل الجنة " . رواه الترمذي وغيره . قال الألباني رحمه الله : صحيح .
الحمد لله رب العالمين . وفقكم الله إخواني وأخواتي للظفر بما في هذه السنن من الفضائل ولا تفوتنا بالموت ، ويبقى المال وراءنا ، والدين على ظهورنا ، أو يتولى الورثة التجاوز عن المعسر وإنظاره فيفوزون بالثواب ، من دوننا