بعد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال الله عز وجل:"وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ (60) أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (61)" [القصص]
صدق الله العظيم ،فما أعظمهما من آيتين يعليان من الهمم ، ويشعران بحقارة الدنيا وتفهاتها بجانب النعيم الذي لا يزول.
فلتسأل نفسك أخي كلما خبت همتك وقلت عزيمتك وتمكنت منك نفسك الأمارة
بالسوء أو تمكن منك شيطانك:
ماذا اخترت : هل اخترت متاع زائل ولذة لا تدوم؟
أم اخترت ما عند الله؟
وهل أعددت للجنة العدة،أم أنك كما قال النبي"صلى الله عليه وسلم":(ما رأيت مثل النار نام هاربها ،ولا مثل الجنة نام طالبها)
فلنتعرف معاً على أقل القليل من نعيم الجنة حتى نتعلم كيف نُعد لهل كما ينبغي
قال سبحانه وتعالى في سورة الرحمن:" وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ "
قال ابن عباس في تفسير هذه الاية: تدنو الشجرة حتى يجتنيها ولي الله إن شاء قائما وإن شاء قاعدا وإن شاء مضطجعا، لا يرد يده عنها بُعد ولا شوك.
ويزيدنا شوقاً إليها مجاهد حين قال "ثمار الجنتين دانية إلى أفواه أربابها فيتاولونها متكئين فإذا اضطجعوا نزلت بإزاء أفواههم فيتناولونها مضطجعين"
[كتاب روح المعاني]
ذلك عن الطعام فماذا عن الشراب؟
يجيب أبو أمامة (رضي الله عنه) :"إن الرجل من أهل الجنة ليشتهي الشراب من شراب الجنة-سوف أذكره في مرة قادمة-فيجئ الإبريق ،فيقع في يده
فيشرب ثم يعود إلى مكانه"
والمعنى المراد :أنك لن تتعب هناك أبداً ولو في تناول كوب أو قطف ثمرة،
ولأنه لا تعب فلا نوم .كما قال صلى الله عليه وسلم:"النوم أخو الموت،ولا
ينام أهل الجنة"
ويشير الحديث إلى أنه لا وقت يضيع في الجنة ولو كان في نوم ،لأن النوم
يحرم العبد من التلذذ بالنعيم ، ونعيم الجنة لا ينقطع عن ساكنيها لحظة،فكيف
ينامون؟!وفي الحديث إشارة آخرى لطيفة ممن أوتي جوامع الكلِم إلى ذم النوم
وانه مما يُعصم منه أهل الجنة ، فإن كثرة النوم في الدنيا علامة الاستهتار
بقيمة الوقت.
أخي:لا يكون التنافس إلا في النفائس ،ولا أنفس من الجنة،فمن لم يبذل في سبيلها أنفس الأنفاس شكا يوم الحساب مرارة الإفلاس.