السجين «المليونير» بعد تسلم الجائزة : الضباط أخفوا عنى خبر «المليون جنيه» خوفاً علىَّ من الفرحة
كتب محسن عبدالرازق ويسرى البدرى ٩/ ١٠/ ٢٠٠٩
تسلم عماد بشرى أطناس صرابامون، المسجون على ذمة قضية والمحكوم عليه بالسجن المؤبد، لإدانته فى قضية قتل، أمس، «شهادة المليونير» من المصرف المتحد التابع للبنك المركزى بمقر مصلحة السجون، بعد أن فاز بها فى سحب يوليو الماضى، ليبتسم له الحظ بعد ٢٠ عاماً قضاها خلف القضبان بسجن طرة.
بلغت قيمة الجائزة ٧٠٠ ألف و١٠٠ جنيه، بعد خصم الضرائب المقررة بواقع ١٥٪ لصالح وزارة المالية «مصلحة الضرائب»، و١٥٪ من قيمة الشيك لصالح وزارة التضامن الاجتماعى، حيث حرر المصرف المتحد شيكات مصرفية مقبولة الدفع لهذه الجهات، فضلاً عن قيمة الجائزة التى تحرر بها شيك حصل عليه الفائز بحضور اللواء عاطف شريف، مساعد وزير الداخلية لقطاع السجون، ومحمد عشماوى، رئيس المصرف المتحد والعضو المنتدب.
من المقرر الإفراج عن عماد بشرى، مدرس رياضيات، خلال ساعات عقب الانتهاء من الإجراءات، بعد أن قضى ثلاثة أرباع المدة وتم الإفراج الشرطى عنه لحسن السير والسلوك، حسبما قال اللواء عاطف شريف، مساعد أول وزير الداخلية لقطاع السجون.
كان والد عماد اشترى شهادة المليونير بقيمة ١٠٠ جنيه باسم ابنه عام ٢٠٠٥، وظلت الشهادة تدخل السحوبات الشهرية التى يجريها المصرف، حتى فازت فى سحب يوليو ٢٠٠٩ بقيمة مليون جنيه التى تمنح مرتين سنوياً من خلال المصرف.
من جانبه، قال عماد بشرى، لـ«المصرى اليوم»: إنه يسعى لإنشاء مشروع استثمارى فى مجال التعليم، وأنه لن يسافر إلى الخارج بسبب ظروف والديه المسنين، اللذين وقفا إلى جواره فى أزمته.
وقال لـ«المصرى اليوم»: لم أكن أتوقع أن يتم الإفراج الشرطى عنى وأحصل على شهادة المليونير فى أى وقت من الأوقات، لكن الحمد لله ربنا بيعوض، بعد أن قضيت ٢٠ عاماً من عمرى خلف القضبان كل أملى كان الخروج إلى النور، من أجل رد الجميل إلى والدى ووالدتى اللذين وقفا إلى جوارى فى هذه المحنة، ولم يتخليا عنى أبداً.
وتابع: كان والدى وشقيقى الصيدلى وشقيقتى دائمى الزيارة لى داخل محبسى فى سجرة طرة.. وزيارتهم كانت تخفف عنى كل المعاناة والألم، وفقد الحرية بسبب جريمة لا أريد أن أتذكرها أبداً، وأرفض أن تحدث عنها، لأنها وقعت قبل أيام من زفافى، وتسببت فى حبس حريتى وتدمير مستقبلى وتوقف حياتى لمدة ٢٠ عاماً.
وأضاف عقب تسلمه الشيك بدقائق: كنت أعيش حياة هادئة للغاية، وكنت سعيداً مع والدى وأسرتى إلى أن تم تحديد موعد زفافى فى ١٤ أكتوبر ١٩٨٩. كنت مدرساً للرياضيات، فى المرحلة الابتدائية، واتهمت فى جريمة قتل والدة خطيبتى قبل زفافى بـ٥ أيام، وبسببها حكم على بالمؤبد، وقضيت ٢٠ عاماً خلف الأسوار، وكنت خلال فترة سجنى مثالاً للالتزام بين النزلاء، ولهذا قررت أن أتقدم بطلب إلى اللواء حبيب العادلى، وزير الداخلية، للإفراج الشرطى عنى وهو ما تم بالفعل بعد ٢٠ عاماً، وتصادف أننى عرفت فى نفس اليوم أننى فزت بجائزة المليونير.
وأكد عماد أنه عرف بالفوز بالشهادة من ضباط السجن الذين حضروا صباح أمس، لاصطحابه إلى الإدارة العامة للسجون لتسليمه الشيك، «وهناك تقابلت مع والدى الذى اشترى لى هذه الشهادة التى فازت قبل ٥ سنوات، وأضاف: نعم لم أكن أتوقع أن أفوز بشهادة المليونير، لكن كنت أتمنى ذلك وأطلبه من ربى فى كل يوم، والحمد لله ربنا عوضنى خيراً». وعن الفترة التى قضاها فى داخل السجن قال إنها كانت قاسية «عرفت فيها مدى حب أسرتى لى وتحملها الكثير من أجلى، فقد ظلمت والدى كثيراً».
وأوضح عماد أنه سيقوم باستثمار المبلغ بعد خروجه من السجن فى أى مشروع تعليمى من أجل أن يعوض والده عن السنوات الصعبة التى عاشها، وهو يقضى عقوبة المؤبد، واستطرد: بعد خروجى لا أستطيع أن أجلس دون عمل ولابد من عمل لأعوض والدى ووالدتى وشقيقى وسوف أرى النور بعد ساعات، بعد ٢٠ عاماً خلف القضبان وأعيش على أمل واحد، هو رؤية بيتنا فى مصر القديمة.
وعن علاقته بزملائه السجناء قال: «الوضع فى السجون تغير كثيراً بالمقارنة بالسنوات السابقة، وقضيت ٢٠ عاماً داخل سجن الليمان، لم أتشاجر مع أحد من النزلاء، وكذلك النزلاء تغيرت حياتهم فى السجون وأصبحوا أكثر هدوءاً، والعقاب داخل السجون بالورقة والقلم وسبل الراحة موجودة لكن المشاغب لابد من عقابه وكنت أقضى فترة السجن وكلى أمل فى المستقبل بعد الخروج،
والحمد لله ربنا عوضنى كثيراً، بعد أن كنت أعتقد أن قصة الشهادات مجرد وهم، طلبت من والدى شراء الشهادات، وطلبت من ربنا أن أربح كثيراً ودعوته فى كل صلواتى، وكان الجزاء من جنس العمل، فقد ربحت شهادة المليون جنيه».
وحول إخفاء هذا الخبر لمدة شهور عنه، قال عماد: «أعتقد أن إدارة السجن خافت على من الفرحة. من جانبه، قال بشرى أطناس، والد عماد: «الحمد لله.. ربنا عوض ابنى عن السنوات التى عاشها خلف القضبان ولم أكن أعلم أن شهادتين اشتريتهما قبل ٥ سنوات باسمه سيكون لهما عامل السحر فى تغيير مستقبله بعد خروجه من السجن، ابنى عماد طيب وأنا غير مصدق أنه ارتكب جريمة قتل حتى الآن، رغم قضائه ٢٠ عاماً داخل السجن»،
وأضاف: «اشتريت هذه الشهادات له دون باقى أشقائه، لأننى لم أكن متوقعاً أن يفوز، وكنت أعتقد أن ذلك مجرد أوهام، وبمجرد معرفة قصة السندات والشهادات، فكرت فى عماد مباشرة، وكان توفيق الله لعماد».
وأضاف: «عماد تعرض لظلم كبير، فقد اتهم فى جريمة قتل منذ عام ١٩٨٩، لاتهامه بقتل والدة خطيبته قبل فرحه بـ٥ أيام، الذى كان محدداً له ١٤ أكتوبر ١٩٨٩، ولا يوجد عليه خوف بعد خروجه»، وسرد والد عماد قصة القضية، بعد إلحاح منا،
وقال: «قبل زفافه بـ٥ أيام ذهب ابنى بكروت الفرح إلى أسرة خطيبته لكنه وجد والدة خطيبته مقتولة بعدة طعنات، وحاول إنقاذها وفشل، وكانت الدماء تلطخ يديه، وتم القبض عليه ومحاكمته وحصل على حكم بالمؤبد». واستطرد الأب: «كنت على أمل أن يخرج ابنى إلى نور الحرية، من أجل أن أراه قبل وفاتى فاشتريت له شهادتين والحمد لله ربنا وفقه فى المكسب وأتمنى أن يؤمن هذا المبلغ حياته».